أحاول هذه الأيام أن أجعل فكري خاليًا وأن أُفرغة للنبات والشجر، فقد تعب من روح العناء والكدح طيلة الفترة الماضية، علّه يستشعر في الطبيعة بعضًا من جمال الكون وعجائبه الإلهية.
لكن ليلة أمس، وفي لحظة من اللحظات.. راودني شعورٌ بالقهر وقلة الحيلة، لم أشعر بذاك الشعور منذ مدة بسبب انشغالاتي وضغوطاتي الدراسية، تركتني لفترة قصيرة، ثم عادت مسرعة لتباغتني من جديد.
قاومت لألّا يكون لها سلطانٌ عليّ، غير أنني فشلت، سامَرتني الهموم، بينما حاصرتني أسئلةٌ من قبيل: كيف اعتدنا على رؤية الدمار والمجازر في غزة؟
ألا يمكننا فعل شيء!
ألهذه الدرجة نحن عاجزون!
باتت هذه الأسئلة تأتيني باستمرار كنذر رعب قادمة من داخل نفسي التي تبحث عن إجابة ما؛
النفس!
نعم، النفس البشرية- ذلك الشيء المبهم الذي أفنى الفلاسفة أعمارهم في دراسة ظواهرها وفهم أسرارها، قد خصّها الله سبحانه بخصال، فجعلها تألَفُ وتُؤلَف، تفرح وتغضب، فتعكس فرحها وغضبها على وجه ذاك الإنسان.
فإن فرِحَت كان كالشمس المُبهرة، وإن غضبَتْ كان كالجمرةٍ الحارقة، وهذا ما يكون عليه إنساننا حين تمتلئ نفسه غيظًا على بعض الأمور التي لا يقوى على دفعها؛
أيُعقل أن تألف أنفسنا الموت وأشكاله!
أن تعتاد على رؤية الضعيف يُنكَّل به!
وأن تُفتَك أزهار أحلامه ويتكالب عليه الجميع!
هكذا هو الحال في كلّ يوم، أطوي صفحات خذلان هذا العالم وأضعها داخل أرشيف الخيبات.
وبينما تصعد أرواح الشهداء إلى السماء، أكتب أنا.. شهادات وفاة ضمائرنا.