تنمو الورود وتعيشُ فصلًا في السنة، غيرَ أنّ العُشب الضار كالشَّوك يبقى ما بقيت أعوادها ممتدَّة على الأرض وجذرها ثابتٌ في التُّراب وكذلك سوءُ الظّن وما يَتبَعُه من أثرٍ على النّفس.

في نفسي حديثٌ يعتصرني أكادُ أهمُّ أن أفيضَ به لكُل من يسألني عن حالي، أتحاشى الناس وأحاول الجلوس بعيدًا عنهم كي لا ينفجر شعوري بوجه أحدهم، بِتُّ أرغب بالوحدة والسير في أماكن ليس فيها أُناس يسيرون في الليل إلى أن تهدأ نفسي؛

ووجدتُ ضالتي بعد عناء طويل من البحث وكان المكان موحشًا أكثر من اللازم؛

مشيت طويلًا إلى أن صادفتُ إحدى المقاهي العتيقة، توقفت لبرهة وذهبت نحوه وكانت خطواتي تسبقني فدفعتُ الباب بقوة حتى كاد ينزل من موضعه لتهالُكه.

جاء إليَّ النادل، فسألته فنجانَ قهوة خالٍ من السكر، شربتُ الفنجان دون وعي مني بينما كنت أُهمهم بيني وبين نفسي بحديث خاص ولم ألبث طويلًا هناك حتى غادرت.

حَرَص الإسلامُ على بناء منظومة العلاقات بين الناس على أساسٍ من المودة والصفاء، فنهى عن سوء الظّن وعدّه من كبائر الذنوب بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ، فسبحانه أعلم منّا بما يجعل علاقاتنا عُرضة للضعف والانكسار، والظّنُ أوَّل ما يأتي يكونُ على شكل خاطرة وما يلبث أن يستقر وينتشر في القلب ما لم يدفعها الإنسان بحسن ظنّه.