سُئلتُ منذ مدّة، أنني لو خُيِّرتُ بالجلوس لِشرب فنجان من القهوة مع إحدى الشخصيات السياسيّة أو الفكرية فعلى من كان سيقع اختياري!
فنجان قهوة، مع أحد السياسيين أو المفكرين، لم أُرد قول ما في نفسي.. فمن أود الجلوس معهم ليسوا شخصًا أو ثلاثة بل هُم كُثر.
بعد القليل من التّفكُّر أجبتُ كالآتي، لو خيروني فعلاً.. لكنتُ اخترت شرب فنجان القهوة مع شيخ الحقوقيين السوريين هيثم المالح، فهذا الرجل أعتبره قدوة لي من بين كثير من الشخصيات التي أستمد منها العزيمة في نضالي من أجل الحق.
هو أُمَّة لوحده، قارع جبروت النظام الديكتاتوري في سوريا منذ عهد الأسد الأب وصولاً لعهد الأسد الابن، كان الأول والوحيد ممن تجرأ على رفع دعوى قضائية ضد حزب البعث القومي الحاكم حيث إنهم كانوا يجبرون الطلبة الصغار في المدارس على الانتساب للحزب تحت مسمى “طلائع البعث”.
لقد عانى كثيراً وتعرض للاعتقال مراتٍ عدّة،
بقي في السجن لسنوات، وحُظر من السفر بعد خروجه منها حيث خضع لمراقبة دائمة من قِبل أجهزة المخابرات،
نجى من محاولَتَي اغتيال فاشلة، مع ذلك لم يثنه الأمر عن المتابعة.
سيرته مليئةٌ بالنضال والكفاح،
شخص مؤمن بقضاء الله وقدرة في ذات الوقت.
بعد الفشل المخزي لقوى المعارضة "السياسية" لم يدُمْ طويلاً في المشهد السياسي فقرر الاستقالة ونأى بنفسه عن معظم مؤسسات ومنظمات المعارضة في الخارج.
ازداد إعجابي بسيرته السياسية بعد متابعتي لحلقات برنامج مراجعات مع هيثم المالح على قناة الحوار (تم بثه عام ٢٠١١ وعددها ١٠)، هذا الإعجاب دفعني لحضور إحدى محاضرته في شهر نوفمبر من عام ٢٠٢١ والتي تحدث فيها عن ” أسباب بقاء نظام الأسد والأخطاء السياسية للمعارضة، والسياسة الدولية في التعامل مع الأزمات”،
عقب الانتهاء من المحاضرة ذهبت إليه وهنأتُه على بعض انتصاراته في المعتقل (:
شكرت نضاله وإلهامه لي والتقطت معه صورًة تذكارية.
أحسبه رجلاً شريفًا ونموذجًا نادرًا من بين شخصيات المعارضين السوريين القُدامى والتي أعتقد أنه من الصعب تكرُرها.