انتشر مقطع لفتاة فلسطينية تُدعى إسراء الشيخ، كانت تتحدثت فيه عن الثورة السورية في مؤتمر "مؤثرون من أجل الإنسانية" الذي عُقد قبل شهرين من سقوط نظام الأسد في إسطنبول والذي شارك فيه ثلّة واسعة من المؤثرين والمشاهير العرب.
خلال المداخلات، وصفت إسراء الثورة السورية “بالحرب الأهلية" وأن كثير من الأمور قد اختلطت فيها، كما أشارت إلى أنها تنصح صُنّاع المحتوى السوريين بضرورة الترويج لقضيتهم بشكل أفضل.
وهنا يأتي دور من يهمه الأمر ليعلّق على المسألة..
مما لا شك فيه أن توصيف الثورة السورية بـ"الحرب الأهلية" توصيفٌ خاطئ لا يمكن القبول به ولا حتى تبريره، غير أنّ ما دون ذلك من حديث المُتكلِّمة في المجمل، "صحيحٌ ليس فيه ما يشوبه".
لأنه بغض النظر عن شخصيتها أو توقيت كلامها، فإن الواقع الذي كان سائدًا قبل تحرير سوريا يشهد كيف أن شريحة واسعة من السوريين، كانوا حين يُثار الحديث عن الثورة وضرورة التعريف بها والترويج لها.. يُفضّلون عدم الخوض والتزام الصمت أو اتخاذ موقف ضبابي تجاه مسألة غيّرت وجه بلدهم للأبد.
الكثير نعم، وحتى ممن تربطنا معهم علاقات شخصية، كانوا لا يُعيرون القضية ولا الترويج للثورة أيّ اهتمام، وقد أفضى هذا النهج الرّمادي إلى تبِعاتٍ مباشرة إبان تراجع وانتكاس الحالة الثَورية في فترات التهجير وتسليم المدن واحدة تلو الأُخرى، فباتت الشعوب الأجنبية عربًا وعجمًا يلومون الشعب السوري على ثورته.. فتارة يصفوننا بالمخربين وتارة بالإرهابيين.
وإنني لست أضع اللوم كاملًا في هذا السياق على عاتق المثقفين والمؤثرين من شعبنا السوري بل أيضًا على الشعوب التي لم تهتم يومًا لقضايا المسحوقين والمظلومين بشكل حقيقي إلا عند مواكبة الضمائر الغائبة نشرها للتريندات على مواقع التواصل، ولم يجهدوا أذهانهم يومًا بالتفكير ومعرفة من على حق ومن باطل، (من خلال استحضار المُسببات المؤدية للثورة) دون التطرق لتفاصيل الأحداث اللاحقة التي تُسبب في تشوّه صورة المشهد الرئيسي، بل تكتفي الشعوب فقط بما يُشاع عن القضايا في وسائل إعلامها الوطنية أو المؤدلجة.
لهذا لستُ أُبرئ الشعوب من الجهل وعدم السعي لإدراك الواقع قدر ما أمكن، ولا أجد مبررًا في ذات الوقت للهجوم على من حاول (بطريقته) تنبيه صناع المحتوى إلى أهمية الترويج الواعي والمنهجي لقضيّتهم، (ولا أقصد هنا جميع صناع المحتوى من السوريين، فمنهم المكوّعون الإمّعات ممن اتّخذوا مصالحهم وأهوائهم سبيلًا للاتّباع دون الأخلاق والمبادئ، (من الذين لم يكونوا أبناء قضية يومًا)، بل أقصد من كانوا يدّعون ثوريَّتهم، ومَن هم من خلفيات مُعارضة سابقًا)، والحقيقة البسيطة جدًا.. هي أنك لا تستطيع أن تطلب من الآخرين أن يُحيطوا علمًا بقضيتك ويدركوها إدراكًا تامًا شاملًا ما لم تبادر أنت بنفسك وتبذل جهدًا لإيصال صوت شعبك ومعاناته إلى العالم.