في كل بلدان العالم، لا قيمة تُذكر لتصريحات الممثلين حول السياسة.. ولا هم أنفسهم (أي الممثلين) يهتمون ب في هذا المجال، إلا في سوريا، حيث يتكلم الممثلون في كل المواضيع وليس السياسة فقط، فتؤخذ كلماتهم ويروَّج لها وكأنها فتوى خرجت من فم عالم بعد اجتهاد عميق، رغم أنهم في الغالب لا يملكون أي خلفية معرفية أو سياسية تخوّلهم الحديث باسم الشعب أو الوطن.
في سوريا، الممثل يُعطى حجماً أكبر من حجمه الحقيقي، ليس فقط في الدراما، بل في الواقع العام، فتراه يُسأل عن الاقتصاد، والقانون، والدستور، والسياسة والاجتماع والفلسفة وحتى عن مصير البلد.
من أسوأ نتائج إعطاء الكلمة للممثلين هو بناء بعض السطحيين من عوام الشعب مواقفهم الوطنية بناءً على مواقف أولئك (الممثلين).
هذا الانفصام سببه أن النظام عمد طوال عقود إلى صناعة "نخب بديلة" لا تهدد سلطته، فجعل من الفنانين والمطربين المنحطّين وكذلك الرياضيين واجهة سياسية وإعلامية، بينما هم أبعد ما يكونون عن الوعي السياسي الحقيقي الذي يحتاجه بلد مثل سوريا يعيش على صفيح ساخن من القضايا والأزمات المتكررة التي تحتاج لخبرة ووعي كبيرَين جدًا للخوض فيها وتأويل تَبِعاتها.
السؤال، متى ستتدارك الحكومة الجديدة هذا الأمر، فتقصي ما يُسمَّون "بالفنانين" لِألّا يُترك المشهد لأشباه النخب كي يملؤوها بالضجيج والسطحية.. في حين يُقصى المفكرون وأصحاب الرأي، ويُدفع بالوعي الجمعي نحو التبلّد والتسطيح.