من جديد يحاول هؤلاء السُّفهاء أن يتصدّروا المشهد، لكن هيهات.. لن ينالوا الأضواء التي يركضون خلفها، فمن كانوا يصفّقون له ويُشبّحون تحت سيادته قد هرب إلى موسكو وتركهم خلفه كقطعانٍ تائهة لا تعرف سيّدًا.

والآن يحاول سيّدهم الجديد جمعهم من جديد، ليجعلهم يُسبّحون بحمده كما سبّحوا بحمد الجلّاد الهارب بشار الأسد.


هذه الوجوه التي عليها غبِرَة وقفت يومًا (وبصوتٍ واحد بكامل إرادتها) مع جلّاد الشعب، يظهرون اليوم بلا استحياء ليتباهوا أمام الأضواء قبل أن يعتذروا (وبذلك تجاهلوا الدم والدمع والألم).

إنهم دعاةُ الحقيقة المزيّفة، الذين لم يصمتوا في لحظة امتحان الكرامة.. بل كانوا مُشبّحين بالكامل، خونةُ الضمير.. المُنحازون للعصابة الأسدية، والمروّجين لأكاذيب "محاربة الإرهاب" بينما كان الإرهاب الحقيقي ينهش صدور الأبرياء في جميع القرى والبلدات السورية.

السُّفهاء الذين يجب أن يُحاكموا على مواقفهم المُساندة "للإرهاب والعصابة الأسدية" يُعاد تدويرهم اليوم، وللأسف الشديد أن هناك سَمّاعون ومُتفرّجون لهم.

ولستُ أدري كيف لشخصٍ عاقلٍ مُتّزن أن يشاهد المسلسلات التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع، كيف يُضيع أثمن ما يملك (وقته) ويترك فكره رهينة بين أيدي شركاتٍ لا ترى فيه إلا رقمًا في خانة المشاهدات.

هل يدرك هؤلاء أن ما يستهلكونه مما يُطلق عليه اسم "فنّ" ليس سوى عبواتٍ مُلمّعة تُفرَغ في عقولهم لتصنع منهم جمهورًا مطيعًا، يصفّق لمن يستبدل الحقيقة بالزيف، ويُعلّي من شأن من لم يقف للحظةٍ واحدة مع صوت المظلوم؟

كيف يسمح أحدهم لنفسه أن تُقاد إلى تلك العروض الرخيصة التي باتت تُصنع في غرف تحرّكها المصالح والأجندات والأهواء البشرية المُنحطّة.

ما هذه الحياة الفارغة التي تعيشها بمتابعتك لأعمالهم عزيزي المشاهد؟

إنّ الخطر الحقيقي ليس في المنثلين الذين اعتادوا بيع ضمائرهم، بل في الجمهور الذي صار يُسلّم عقله لهم وينسى أن الفن (حين ينفصل عن الأخلاق) يتحوّل إلى أداة تضليلٍ لا تختلف كثيرًا عن خطاب السلطة التي خدموها لسنوات.

الدور لا يصنع إنسانًا.. والبطولة ليست نصًّا محفوظًا، بل موقفًا يُحمَل على الكتفين، وهذا ما يَفتقر له شرذمة الممثلين في سوريا.

يجدر بنا إعطاء كلّ فئة حجمها الحقيقي:

ممثل يؤدي دورًا، ومواطن لم يعرف يومًا معنى المعاناة التي عاشها شعبه.

ولنُعطِ القيمة لمن يستحقّها:

لأولئك الذين حملوا الوطن على أكتافهم فبقي، ولولاهم لما وجد هؤلاء اليوم مكانًا يتباهون فيه أو جمهورًا يسوّقون له وجوههم.



الصور قبل التحرير

هؤلاء الثوار.. هم وحدهم الأبطال والنُجوم، وليس أولئك الشرذمة التي تُذكُّرنا بعصر اللإنسانية والإجرام الأسدي البائد؛ حيث كلّ ما سواهم ليس سوى صدى باهت في مسرحٍ كبير اسمه "سوريا الثورة".