عبارة ترددت كثيراً ولا زال صداها يتردد منذ اليوم الأول لحدوث الزلزال في سوريا وتركيا،

عبارة أو بالأحرى شعارٌ ساذج أطلقه التّافهون الرماديون الذين لم يتّخذوا موقفاً من الحرب في سوريا، شعارٌ غبي- لا ينم سوى عن سفاهة أصحابها وعيشتِهِم السَّبهلليَّة، حيث إن إلقاء الكلام على عواهنهِ جزافاً لا يصدر إلى من أمثال تلك الثُلل الحمقاء، وأيُّ حُبٍ هذا الذي يتحدثون عنه ومع من!


أنا سأخبركم مع من..

مع الذين يغتصبون السلطة منذ ٦٠ عاماً،

مع الذين ينكّلون بالشعب ويدمرون المدن ويهدمون الحواضر،

مع الذين يعتقلون عشرات الآلاف في السجون بلا تُهم،

مع الذين يغتصبون النساء الحرائر في ظلمات الأقبية،

مع الذين يسلخون جلود البشر وهم أحياء،

مع الذين يُطلقون الصواريخ ويرمون البراميل على رؤوس الضعفاء،

مع الذين يضربون بالكيماوي ويُلقون الغازات السامة على الأبرياء،

مع الذين جلبوا الميليشيات الطائفية والاحتلالات ومكّنوهم في بلادنا بلا استحياء،

مع الذين حَرَموا ملايين الناس من شعور الأمان وهجروهم من أوطانهم.

مع الجرائم التي ليس لها نهاية ولن تنتهي إلّا بزوالهم.

كيميائية الدماغ عند هؤلاء غيرُ سليمة بلاشك،

يطلبون من الناس أن يحبّوا بعضهم ولمَّا تضع الحرب الضروس المستمرة منذ اثنتا عشرة عاماً أوزارها بعد، ولمّا ينتهي الظلم ويأخُذ ويُعطى كلُّ ذي حقٍ حقه، فكيف السبيل إلى هذا الحب!

لم يعش هؤلاء الألم، ولا يعرفون ما معنى أن يُحدِث أحدهم جرحاً لا شفاء منه إلّا ببتر موضعه،

يريدون أن يتحابّ الناس مع الذين قَتلوا قرابة المليون إنسان بحجة الكارثة والحالة الإنسانية،

وأين كانوا قبل الزلزال، أين كانوا من زلزال الأسد الذي لم يبقي حجراً على حجر طوال عقدٍ كامل؟

يبدو أن الإنسانية عند هؤلاء لا تعمل إلّا في حالات الكوارث، أما في حالات قصف المدنيين بالكيماوي وضربهم بالصواريخ والبراميل فتكون بوضعية الخمول.